الاثنين، 17 يناير 2011

أردوغان ليس عبد الناصر


بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت خواطرى بعد الهجوم الذى نفذته إسرائيل ضد أسطول الحرية فى مايو الماضى فكانت كما يلى :- 
 كل أدلي بدلوه في الهجوم الذي نفذته فجر الإثنين 31 مايو2010 قوة من الكوماندوز الإسرائيلية المعززه بطائرات هيليوكوبتر علي سفن قافلة الحرية وبين ردود أفعال ما بين مؤيد ومعارض وبات واضحا اليوم أن إسرائيل تقع تحت ضغط دولى من جراء عدوانهما الأخير .وهناك تظاهرة إنسانية من كل دول العالم بإستنكار الحصار ولقد أحسن الرئيس مبارك بإصدا ر أوامره بفتح معبر رفح إلى أجل غير مسمى وكذا إستعداد مدينة العريش لإستقبال المساعدات من كل دول العالم وإرسالها فورا إلى غزة .
 ولكن ما لفت نظري هو إدعاء إسرائيل علي لسان متحدثها العسكري الرائد " أردخاي أزرعي  " قائلا " إسرائيل هي سيدة المنطقة وليس هناك آخرين " . إسرائيل تريد أن تكون الاَّعب الوحيد الذي يقرر ولا يعقب أحد عليه . هذه قمة الغطرسة وهي بداية النهاية لأن إدعاءه في نفس الوقت أن هؤلاء النشطاء المدنيين العُزل قد خطفوا أسلحة الجنود الكوماندوز وإستخدموها ضدهم ،هذه مهزلة وإنتكاسة إسرائيلية  إذ كيف لمدنيين عُزل أن يتمكنوا من الإستيلاء علي أسلحة قوات كوماندوز المفروض أنهم  علي أعلي مستوي من التدريب والكفاءة القتالية . هذا الأمر يحتاج إلي مراجعة أداء هذه القوات وإعادة تدريبهم وتأهيلهم . هذه بداية النهاية كما قلت وبداية تراجع كفاءة القوات الإسرائيلية التي كانت تدعي في يوم من الأيام أنها لا تقهر . إسرائيل لم تتدبرالعواقب مع العالم الخارجي ومع تركيا التي تربطها بها إستثمارات وتعاون إقتصادي وتجاري و إستراتيجي ومعاهدات عسكرية  . إسرائيل لم يكن لديها من سعة الصدر لكي تدع هذه السفن التي تحمل مساعدات إنسانية لشعب محاصر أن تمر بسلام  . فخلفت خسائر بشرية وردود فعل دولية متباينة أقلها الإدانة والإنسحاب من معاهدة السلام العربية وأبرز هذه التداعيات هو قرار مجلس الأمن بإجراء تحقيق حيادي وشامل  في الحادث وإطلاق سراح جميع النشطاء والسفن التي وضعت يدها عليها . من المعروف أن أي دولة تقوم بعمل عسكري لابد أن تُقَََيِّم حجم المكاسب والخسائر وبناءا علي هذا التقييم تدرس الموقف عسكريا هل تتدخل أم لا . في الظرف السياسي الحاضر إسرائيل تعلم جيدا أنها لا تهاجم دولة عربية مثل لبنان أو قطاع غزة ولكنها تعلم أنها تهاجم قافلة بتمويل معظمه تركي وتحمل نشطاء معظمهم من دول صديقة لها . يبدوا أن الهدف الأساسي من هذا الهجوم كان ردع الدور التركي المتنامي في الشرق الأوسط والمناصر لحماس والنشط في تكوين رأي عام دولي يساند الحق الفلسطيني . وخاصة بعد مبادرة السيد عمرو موسي في مؤتمر القمة العربي الأخير بالدعوة إلي تشكيل رابطة الجوار العربي هذه الرابطة من شأنها أن تقيم حزام إقليمي يعزل إسرائيل إذا لم تنضم إلي ركاب السلام وهذا ما تخشاه إسرائيل .
إن الدور التركي في الشرق الأوسط ومشاعر التأييد في الشارع العربي لهذا الدور هو الذي شجع عمرو موسي علي إخراج هذه الرابطة . فإسرائيل أرادت أن تحجِّم الدور التركي وتضع تركيا في إمتحان عسير يثْبت للعرب وللأتراك ولغيرهم أن قدراتهم محدوده في مواجهة إسرائيل وأن إسرائيل مستعدة أن تصل إلي أقصي درجة من درجات إستخدام القوة وعدم المبالاة بالرأي العام العالمي  وبالتالي ترسل رسالة إلي إيران أنها  لن تتردد في إستخدام القوة ضدها إذا لزم الأمر . والسؤال هو :- هل إسرائيل لم تحسب حساب الدول التي جاء منها النشطاء مثل النرويج وأرمينيا وتركيا وغيرهم ؟ وخصوصا أن إسرائيل كانت تعتبر تركيا هي صديقتها في الشرق الأوسط ثم جاء أردوغان فصعد خطابه الناقد ضد إسرائيل وتراجع بمستوي العلاقات الإقتصادية والتجارية والعسكرية إلي درجات أقل مما كانت عليه طوال العقود الماضية وبدأ يبتعد عن العلاقات الحسنة مع إسرائيل كما إنتقد رئيس الوزاراء التركي إسرائيل قائلا إنها بدأت تفقد الصديق الأوثق لها في المنطقة ويقول مسؤول تركي أخر أن تركيا قوية في عدائها كما هي قوية في صداقتها .
وفي الحقيقة أن تركيا لا تحاول نصرة القضايا العربية من أجل عيون العرب  فالأتراك لا ينسون إنقلاب العرب عليهم فى الحرب العالمية الأولى والثانية وإنضمامهم إلى الحلفاء. تركيا تقوم بدور فعال كلما تستدعيها الظروف فهى تبحث عن مصالحها  وعن دور فعال يتناسب مع قوتها وتحاول ترتيب الأوراق فى المنطقة فى غياب الدور العربى الفعال. تركيا تسعى إلى مصالحها قبل أى شىء آخر فى الشرق الأوسط  فهناك 20 مليون كردى وعلويين فى تركيا لا يتمتعون بحقوق الإنسان .تركيا تريد أن تدخل الإتحاد الأوربى ولها علاقات إستراتيجية مع الولايات المتحدة وبالتالى فهى ترى فى دول الشرق الأوسط سوق تجارى كبير لمصانعها فهى تريد ترتيب الأوراق بشكل يخدم مصالحها لذلك فإننى أقول للذين يعولون كثيرا على الدور التركى : سيتم تسوية العلاقات التركية الإسرائيلية وسيتم تحسين الموقف لأن موقف تركيا الغير مفهوم يبعث على الشك والريبة حيث أن تركيا وافقت على دخول إسرائيل مركزأو مجلس الإقتصاد والتنمية الدولى الشهر الماضى ( إبريل 2010 ) والذى يضم فى عضويته 31 دولة من ضمنها تركيا وأمريكا وكندا ودول إقتصادية أخرى كبرى. وإسرائيل طالبت بالعضوية فى هذا المركز منذ فترة طويلة وجددت الطلب فى شهرابريل 2010 . والنظام الداخلى لهذا المجلس ينص على أنه إذا رفض أحد الأعضاء دخول عضو جديد فإن هذا العضو الجديد لا يدخل . فلماذا وافقت تركيا على دخول إسرائيل  إلى عضوية هذا المجلس فتزيد من قوة إقتصادها وتساعدها فى عملية الصادرات والتبادل التجارى ؟ أنا فى رأيى أن هذه التدخلات التركية أو الإيرانية  تبحث عن مصالحها والتى تجعلها على رأس الأولويات أما مصلحة الشعب الفلسطينى أو مصالح دول المنطقة فهى فى الهامش .نحن فى حاجة إلى كلمة حق " أردوغان ليس عبدالناصر" .  ولن يدافع عن العرب إلا العرب
             محمد عبدالغنى محاسب وضابط سابق   
Muser57.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق