الجمعة، 21 يناير 2011

التفاعلات العربية التركية


 تتزاحم علي الساحة العربية الكثير من القضايا والمشكلات ويواجه النظام العربي تحديات كثيرة . فالعالم العربي لا يعيش في جزيرة منعزلة وإنما يقع علي حدوده دول لها مصالح ولها أيضا تطلعات مثل تركيا وإيران وأيضا إسرائيل . بدأت التفاعلات العربية التركية تأخذ مرحلة جديدة بعد أزمة الخليج الثانية بإغلاق خط أنابيب البترول العراقي المار بأراضيها وكذلك تجارة الترانزيت من وإلي العراق وقامت تركيا بتقديم مرافق حربية إلي القوات الأمريكية في الأراضي التركية وتنظيم إستخدام أكثر من 12 قاعدة عسكرية تركية للولايات المتحدة في حربها ضد العراق وحشدت علي الحدود مع العراق قوات تقدر بحوالي من 160 – 300 ألف جندي وسمحت لأمريكا بإستخدام قاعدة " أنجر ليك " في مهاجمة أهداف عراقية كما ساهم الموقف التركي في فرض حصار إقتصادي علي العراق وإستغلت تركيا التدهور الحادث داخل العراق وشنت عدة عمليات عسكرية برية وجوية داخل الأراضي العراقية حتي عمق 19 كيلو متر وأعلنت تركيا أنها حارسة لحقوق الأكراد في كل دول المنطقة ثم أعقب ذلك تصريحات علي لسان رئيس الجمهورية التركي سليمان ديميريل في أول مايو 1995 على ضرورة تعديل الحدود العراقية – التركية ودعوى تركيا بالحقوق التاريخية في الموصل .  وهو ما يعتبر سابقة لا مثيل لها ويعد بمثابة إعلان حرب مفتوحة علي جيرانها وأصبح ذلك نهجا إستراتيجيا في السياسة التركية تؤكده مجموعة من الوقائع . كما نشأت مشكلة حدودية بين سوريا وتركيا في أعقاب دعوة سوريا بأحقيتها في ميناء الإسكندرونه الذي تحول من سوريا إلي تركيا عام 1939 أثناء فترة الإنتداب الفرنسي علي سوريا . وفي مجال المياه أطلقت تركيا أول رصاصة في حرب المياه حينما أعلن الرئيس التركي " سليمان ديميريل " أن موارد المياه في دجلة والفرات ملك لتركيا تفعل بها ما تريد ولا يحق لكل من العراق وسوريا أن يشاركانها في مواردها المائية تماماً مثلما لا يحق لتركيا أن تطالب بحصة في بترول العراق أو سوريا ونسي هذا الغِر أن موارد البترول تنضب بعد فترة أما تساقط الأمطار عند منابع الأنهار فإنها تتساقط إلي يوم القيامة ولا نفاد لها فكيف يقيس شئ ينضب بشئ لا ينضب . إضافة إلي إعتراض تركيا حتي الآن التوصل إلي إتفاق حول توزيع مياه الفرات . وتسمح بمرور معدل 500 متر مكعب من مياه الفرات في الثانية ولكنها ترفض حتي الآن الدخول في إتفاق ملزم بهذا الشأن لأنها تخشي أن يؤثر ذلك علي دعواها بملكية المياه النابعة من أراضيها . وقد طلبت سوريا المزيد من المياة بمقدار  700  متر مكعب علي الأقل في الثانية الواحدة كما طلبت إتفاقا دوليا علي تقسيم مياه الفرات ورفضت تركيا . وكان هناك مشروع لبناء خط أنابيب لنقل المياه من نهري سيهان وشيحان الذين يصبان في البحر المتوسط إلي المملكة العربية السعودية وإلي عمان وكان يطلق علي هذا المشروع إسم " الماء من أجل السلام " ومات هذا المشروع بموت الرئيس الراحل " تورجوت أوزال " الذي كان يتبناه . وعلي صعيد التفاعلات العسكرية :- نجد أن أعمال البناء العسكري التركي مدفوعة بإعتبارات تعظيم المكانة والنفوذ في المنطقة وزيادة وزنها الإقليمي ويتنامي القلق العربي إزاء تصاعد القوة العسكرية التركية . فتركيا تملك جيشا يعد من أضخم الجيوش في المنطقة ولاسيما بالقياس علي أوضاع القوة العسكرية السورية التي تواجه أكثر من تهديد . والعراق الذي يعاني من فراغ أمني وإستراتيجي ناشئ عن تحجيم قدراته العسكرية وإستمرار تفاقم الإنقسامات العربية . وعلى صعيد المتغيرات الدولية فإن أنقرة تعطي الأولوية في نهاية المطاف لتحالفها مع واشنطن منذ الإنذار الصارم الذي وجهه الرئيس ليندون جونسون إلي تركيا في عام 1964 بعد التدخل التركي في قبرص . وما يحدث من تركيا اليوم ليس أكثر من مناورة سياسية إستعداداً لمعركة دخول الإتحاد الأوربى .
بقلم : محمد عبد الغنى محاسب وضابط سابق  
   muser57.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق